ملوك المستقبل
الذي أحبنا وقد غسَّلنا من خطايانا بدمه وجعلنا ملوكاً وكهنة لله أبيه له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين. آمين (رؤ 1: 5، 6) في يوم 11/3/1830بدأت فتاة إنجليزية، في العاشرة من عمرها، دروسها مع مدرِّسها الخاص الذي أحضره إليها أبوها. وكان موضوع درسها الأول هو "تسلسل وراثة العرش الإنجليزي". وعند نهاية الدرس أدركت "فيكتوريا" ـ وكان هذا هو اسمها ـ أدركت أنها وليّة العهد، وأنها الملكة القادمة لعرش الإمبراطورية البريطانية التي وُصِفت يومها بأنها "الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس". وبعد انصراف المدرس، دخل أبوها الملك عليها في حجرتها، فوجد عينيها
دامعتين، ووجهها مليء بتعبيرات الرهبة والهيبة والجدية. وبعد فترة صمت طويلة سألت فيكتوريا أباها: "أهذا صحيح!! هل أنا ملكة المستقبل في إنجلترا؟!". أومأ إليها أبوها موافقاً، فمسحت الفتاة دموعها وقال بجدية واضحة: "إذاً يجب أن أكون فتاة صالحة من الآن". لقد أدركت عظمة ما ستكون عليه في المستقبل، فصمّمت أن تتصرف وتعيش بمقتضى هذا المركز من ذلك اليوم فصاعداً. وبعد قرابة سبع سنوات من هذا التاريخ، وقبل أن تتم عامها الثامن عشر، تُوِّجت فيكتوريا ملكة لبريطانيا العُظمى، وظلت متربعة على العرش لفترة امتدت لأكثر من نصف قرن، وكانت فترة حكمها هي أزهى عصور الإمبراطورية، بفضل تقواها وصلاحها وتمسكها بتعاليم الكتاب المقدس. وقد كانت حازمة في اعترافها بإيمانها المسيحي، وعاشت بمقتضى هذا الإيمان. عزيزي المؤمن .. هل تدرك أنك واحد من ملوك المستقبل؟ هل تدرك السمو الذي أوصلنا إليه الرب يسوع في نعمته الغنية؟! لقد ربح قلوبنا بمحبته العجيبة التي أحبنا بها ونحن خطاة أثمة، ولم يغسّلنا من خطايانا ونجاساتنا بشيء أقل من دمه الكريم. وما أرفع المقام الذي أوصلنا إليه إذ جعلنا "ملوكاً وكهنة لله أبيه" (رؤ1: 5،6). أفلا تفيض قلوبنا سُبحاً وتعبداً للذي أعطانا معه نصيباً في مُلكه إلى أبد الآبدين (رؤ5: 10؛ 20: 6؛ 22: 5). ويا ليتنا لا نفرح فقط بكل ما أجزلته لنا نعمة الله، بل لنسلك أيضاً كما يحق لغنى هذه النعمة. |